للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي قبضة الله، لا يتخلف عن إرادته ورضاه، فيتبع النواميس والسنن التي رسمها له دون تردد ولا اعتراض، فأحر بالإنسان الذي كرمه الله بالعقل، وبالخلافة عنه في الأرض، وبحمل الأمانة التي أشفقت منها بقية المخلوقات، أن يكون أكثر طواعية للنواميس الخلقية، وأشد التزاما للتعاليم الإلهية، وذلك قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ}.

وهنا تودعنا (سورة الشورى) المكية، لننتقل منها إلى (سورة الزخرف) المكية أيضا، وإنما سميت (سورة الزخرف) أخذا من قوله تعالى في آيتها الخامسة والثلاثين: {وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، ومعنى (الزخرف) الزينة من كل شيء، وقد اتجهت الآيات الأولى من هذه السورة إلى مواصلة الحديث عن كتاب الله، وعن تعداد مزاياه، فقال تعالى: {بسم الله الرحمن الرحيم حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ}، وها هنا بين الحق سبحانه وتعالى منزلة كتابه في الملأ الأعلى، ليقدسه ويعظمه ويطيعه أهل الأرض، أسوة بالملائكة المقربين. والمراد (بأم الكتاب) اللوح المحفوظ، كما فسره ابن عباس ومجاهد رضي الله عنهما، وبقوله (لعلي) أي ذو مكانة عظيمة وشرف وفضل، قاله قتادة، وبقوله (حكيم) أي محكم بريء من اللبس والزيغ والتناقض.

وفي معنى التنويه بكتاب الله وبيان عظيم مكانته جاء أيضا

<<  <  ج: ص:  >  >>