إلى الخير، وإن كانوا مسرفين معرضين عنه، بل أمر رسله بذلك، ليهتدي من يريد الهدى، ولتقوم الحجة على من يريد الضلال. قال قتادة:(والله لو أن هذا القرآن رفع حين ردته أوائل هذه الأمة لهلكوا، ولكن الله عاد بعائدته ورحمته، فكرره عليهم، ودعاهم إليه عشرين سنة أو ما شاء الله من ذلك).
واهتمت الآيات الباقية من هذا الربع بالحديث عن موقف أعداء الرسالات عبر القرون والأجيال، فقال تعالى:{وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ * وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}، وبالحديث عن حقائق الإيمان وعقائد التوحيد التي يدعو إليها كتاب الله، مؤيدة بالحجج القاطعة، والبراهين الساطعة، فقال تعالى:{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ * وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ} إلى آخر الآيات الواردة في هذا السياق. كما اهتمت نفس الآيات بوصف معتقدات الوثنية وخرافات الجاهلية، وصفا مصحوبا بتسفيه دعاتها وأتباعها، وهدم الدعائم المنهارة التي قامت على أساسها، {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ}، - {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ}، - {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} أي على دين مشترك {وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ}.