الخطاب موجه أيضا بالتبع إلى كل مسلم ومسلمة في القديم والحديث.
وإمعانا في تكريم الرسول والرسالة، وإنعاما عليه بأعلى درجات التوقير والجلال، خاطبه ربه قائلا:{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} وكلمة (الذكر) هنا تحمل معنيين لا تعارض بينهما، فكتاب الله يتضمن تذكير الرسول وتذكير عشيرته الأقربين، كما يتضمن تذكير الناس أجمعين، مصداقا لقوله تعالى (١٠: ٢١): {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}، وكتاب الله في نفس الوقت هو شرف للرسول الذي اصطفاه الله لرسالته، وشرف لقومه ولغته، وشرف لمجموع أمته، {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}(٤: ٩٤)، ولما كان السابقون الأولون أفهم الناس لكتاب الله كانوا أقوم الناس به وأعملهم بمقتضاه، {وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}، أي: سوف تسألون عن هذا القرآن: هل قمتم بحقه وشكرتم الله على أن خصكم به؟ ومن هنا كان فهم اللسان العربي المبين، أكبر عون على فهم الدين، والتمسك به عن بينة ويقين، فهذه الآية الكريمة عند نزولها تنبأت بما سيؤول إليه أمر رسالة الإسلام التي حملها إلى الخلق رسول الهدى والحق، وأن هذه الرسالة سيكون لها وله بفضلها، ذكر خالد في العالمين، وسيستمر هذا الذكر العاطر إلى يوم الدين:{وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}.