والمضايقات. وفي الموقف الذي يقفه المؤمنون من أذى المشركين، مساعدة لهؤلاء الحيارى على إدراك التأثير الروحي العميق، الذي أحدثه الإسلام في معتنقيه، وعلى مقارنة التهذيب الإسلامي والأخلاق الإسلامية السمحة، بما هم عليه من أخلاق (الجاهلية الأولى) وتقاليدها الصبيانية والعدوانية.
يضاف إلى ذلك أن صبر المسلمين على أذى مشركي مكة يحسب لهم عند الله من الأعمال الصالحة، التي يجزون عليها الجزاء الحسن، كما أن أذى المشركين للمؤمنين سيضاعف لهم -إن لم يؤمنوا ويتوبوا- الجزاء السيء عندما يحل موعد الجزاء، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى:{قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.
وانتقلت الآيات الكريمة فورا للتذكير بمبدأ إسلامي أصيل، وعقيدة جوهرية من عقائده الأولى، ألا وهي أن كل فرد مسؤول عن نفسه، وأن كل فرد مجزي على عمله، وما دام الأمر هكذا فلا موجب لمغالاة المؤمن في حمل المخالف له على اعتقاد ما يعتقده هو، بوسائل الضغط والإكراه، بمعنى أن المؤمن، عندما يدعو المخالف له إلى الإيمان، ويبلغه رسالة ربه بالتي هي أحسن، يكون قد أدى واجبه كاملا غير منقوص، وليس مطالبا بأن يحمل غير المؤمن على عقيدة الإيمان كرها، فهؤلاء المشركون الذين لا يزال المسلمون يعايشونهم في مكة، قبل أن يؤذن لهم بالهجرة إلى المدينة، قد استمعوا إلى كتاب الله، ودعاهم الرسول والمؤمنون