{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}، مما يوضح أن الله تعالى كما انفرد بخلق الإنسان وجميع الأكوان، فهو وحده الذي له حق (الحاكمية) على الإنسان، إذ هو سبحانه المنفرد بعلم حقيقته ووجوه نقصه في كل زمان ومكان، وإلى كتاب الله ومزاياه يشير قوله تعالى:{هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}.
ومضى كتاب الله في المقارنة بين الصالحين والفاسقين، وما هنالك من فوارق أساسية وجوهرية بين الفريقين في الحياة وبعد الممات، فقال تعالى:{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}.
ويصف كتاب الله عقيدة (الدهريين) الباطلة ومن لف لفهم فيقول: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}، ويبطل كتاب الله عقيدتهم بحجج الفطرة القاطعة، وشواهد التجربة الناطقة، مؤكدا مرة أخرى أنه سيجمع خلقه يوم الجمع ليفصل بينهم، {ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ}.
ويتحدث كتاب الله عن اليوم الموعود، واجتماع كافة الأمم فيه أمام خالقها وهي (جاثية) على ركبها، وعن دعوة كل أمة منها إلى كتابها، إذ إن (العهد) بين الله وبينها هو ما أنزله إليها من كتبه، وما أرسله إليها من رسله، {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}(١٦٥: ٤)، (ودعوة كل أمة إلى كتابها)