مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ}. قال القاضي أبو بكر " ابن العربي " المعافري في كتابه " أحكام القرآن " عند تفسير هذه الآية ما نصه: " المسألة الأولى في مساق الآية، وهي أشرف آية في القرآن، فإنها استوفت أدلة الشرع عقليها وسمعيها، لقوله تعالى {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ}، فهذا بيان لأدلة العقل المتعلقة بالتوحيد وحدوث العالم، وانفراد البارئ بالقدرة والعلم والوجود والخلق. ثم قال:{ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا}، أي بكتاب شاهد على ما تقولون؟ وهذا بيان لأدلة السمع، فإن مدرك الحق إنما يكون بدليل العقل أو بدليل الشرع حسبما بيناه في مراتب الأدلة في كتب الأصول، ثم قال:{أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ}، يعني أو علم يؤثر، أي يروى وينقل، وإن لم يكن مكتوبا، فإن المنقول عن الحفظ مثل المنقول عن الكتب ".
ثم تتحدث الآيات الكريمة من جديد عن موقف المشركين من الوحي والرسالة، وقد كان الوحي والرسالة هما محور الصراع القائم بين الجاهلية والإسلام، فها هو كتاب الله يردد صدى اتهامات المشركين وادعاءاتهم من أن آيات القرآن البينات إنما هي سحر مبين، وها هو يسجل ما هم عليه من التساؤل والتشكك في طبيعة القرآن، هل هو صدق من عند الله، أم افتراء من صنع الإنسان، وها هو كتاب الله يبطل ادعاءاتهم، ويرد اتهاماتهم، مبينا