لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}، فقد كان هذا الخطاب الإلهي الكريم بشرى مضاعفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما يناله في الدنيا وما يناله في الآخرة، وذلك بالإضافة إلى ما تضمنه من تصديق لمعاهدة الصلح التي عقدها مع قريش، ومن إعلان الله رضاه عن الأهداف السامية الموفقة، التي رمت إليها تلك الخطة النبوية الكريمة.
وقوله تعالى:{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}، يتضمن إحدى الخصائص التي يختص بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يشاركه فيها غيره من الناس. قال ابن كثير:" وليس في حديث صحيح في ثواب الأعمال لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فهذا تشريف عظيم لرسول الله، هذا هو صلى الله عليه وسلم في جميع أموره على الطاعة والبر والاستقامة، التي لم ينلها بشر سواه، لا من الأولين ولا من الآخرين ".
وانتقلت الآيات إلى الحديث عن " السكينة " التي أنزلها الله في قلوب المؤمنين، وما ينتظرهم من الجزاء الحسن عند الله، وما ينتظر المنافقين والمشركين من العذاب الأليم، وبينت الآيات أن مبايعة المؤمنين لرسول الله تحت الشجرة في " بيعة الرضوان " بالحديبية إنما هي مبايعة لله: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}، ولم يهمل كتاب الله الحديث عن موقف المنافقين من الأعراب الذين تخلفوا عن رسول الله، وعن الأعذار التي ينتظر أن ينتحلوها ليبرروا بها تخلفهم عنه، ويفضح كتاب الله نواياهم الحقيقية، ومخاوفهم الوهمية: {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ