بن مسعود:" إنكم تعدون (الفتح) فتح مكة، ونحن نعد الفتح صلح الحديبية "، وقال جابر:" ما كنا نعد الفتح إلا يوم الحديبية "، وروى البخاري بسنده عن البراء قال:" تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحا، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية ". إلى آخر الحديث. ذلك أنه مضت خمسة أعوام منذ هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة والمشركون يمنعونه ويمنعون المؤمنين من دخول مكة ولو في الأشهر الحرم، حتى كان العام السادس للهجرة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيارة بيت الحرام في رفقة ألف وأربعمائة من المسلمين، وذلك في شهر ذي القعدة، وخرج " معتمرا " لا يريد حربا، وساق معه الهدي سبعين بدنة، إيذانا للمشركين بأنه فعلا غير عازم على حربهم ولا على فتح مكة، لكن قريشا لبسوا " جلود النمور " وخرجوا لملاقاته، إذ تعاهدوا فيما بينهم على أن لا يدخلها أبدا، وتبودلت الرسل بين الفريقين، وكان عثمان بن عفان رسول الله إلى قريش، وكان سهيل بن عمرو رسول قريش إلى رسول الله، وانتهى الأمر بكتابة صلح الحديبية الشهير، الذي كان من جملة ما تضمنه أن يرجع الرسول عامه ذاك، ثم يأتي إلى مكة من العام القابل، وكان علي رضي الله عنه كاتب الصحيفة المتضمنة لشروط الصلح، وعند منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية وهو في طريقه إلى المدينة المنورة نزلت عليه سورة " الفتح " المدنية التي نحن بصدد تفسيرها الآن. وبمناسبة نزولها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رواه البخاري والترمذي والنسائي من طرق عن مالك بن أنس: " نزل علي البارحة سورة هي أحب إلي من الدنيا وما فيها: {إِنَّا فَتَحْنَا