ثم عرج كتاب الله على قصة الرؤيا التي رآها الرسول عليه الصلاة والسلام في منانه، وأخبر بها أصحابه وهو بالمدينة قبل عام الحديبية، وهو " أنه دخل مكة وطاف بالبيت "، فلما سار في طريقه إلى مكة ظن جماعة منهم أن تعبير تلك الرؤيا سيتم في نفس العام، ونبه كتاب الله إلى أن رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم تتحقق في نفس هذا العام، أي: في السنة السادسة للهجرة، فإنها ستصدق في فرصة أخرى، لأنها رؤيا صالحة، " والرؤيا الصالحة جزء من النبوة "، وهي واقعة لا محالة بحول الله وقوته:{لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ}، فلما كان ذو القعدة من العام السابع للهجرة، وهو العام التالي لصلح الحديبية، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة معتمرا هو ومن كان معه في الحديبية، فأحرم من ذي الحليفة، وساق معه الهدي إلى ذي طوى، ودخل مكة ومعه أصحابه يلبون، وهو على ناقته القصواء، وهي نفس الناقة التي كان يركبها عليه الصلاة والسلام في الحديبية من العام الماضي، وعبد الله بن رواحة الأنصاري يقود ناقته، وكل من في مكة من الرجال والنساء والولدان يتطلعون إلى طلعته البهية من مختلف المنازل والطرق، ما عدا رؤوس الشرك الذين لم يستطيعوا رؤية ذلك المشهد العظيم، ففارقوا مكة طيلة