للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والآن فلنقبل على تفسير سورة (ق) المكية، مستعينين بالله جلت قدرته وأول شيء يستلفت النظر في هذا المقام هو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ هذه السورة الكريمة يوم الجمعة على المنبر إذا خطب الناس، كما روى ذلك مسلم في صحيحه، وأبو داود والنسائي وابن ماجة في السنن، وقد تلقاها من لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظها عدد من الصحابة عن هذا الطريق، قال ابن كثير: " والقصد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهذه السورة في المجامع الكبار كالعيد والجمع، لاشتمالها على ابتداء الخلق، والبعث والنشور، والمعاد والقيام، والحساب، والجنة والنار، والثواب والعقاب، والترغيب والترهيب ".

وأول ما تتحدث عنه آيات هذه السورة الكريمة، كتاب الله المجيد، الملتف في حلل المجد والعظمة، وها هنا نجد الحق سبحانه يقسم به، دلالة على عظيم منزلته عنده، وإرشادا إلى المنزلة العظمى التي يجب أن يحتلها في قلوب الناس وفي حياتهم اليومية.

وحرف (ق) الذي هو أول حرف في كلمة " قرآن " وأول حرف ورد في هذه السورة حتى سميت باسمه، إشارة إلى أن كتاب الله المعجز للبشر يتألف لفظه من نفس الحروف التي ننطق بها، غير أنه لا يقدر على تأليفه المعجز أحد سوى الله، {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا}، (الشورى: ٥٢)، كما أن المادة التي يتكون منها الأحياء ملقاة على قارعة الطريق، بحيث يراها الناس ويعيشون معها، ولكنهم لا يستطيعون أن يؤلفوا

<<  <  ج: ص:  >  >>