الاستقبال، جزاء ما قاموا به وما مارسوه في حياتهم من صالح الأعمال، {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ}، إذ كل ما هو آت قريب، وفي خلال هذا الوصف نوهت الآيات الكريمة بالأوصاف التي رشحت أهل الجنة للجنة، وذلك قوله تعالى:{هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ}، و " الأواب " هو الذي إذا أذنب بادر إلى الإقلاع عن ذنبه وتاب منه توبة نصوحا، و " الحفيظ " هو الذي إذا عاهد الله حفظ العهد، وحافظ عليه من المهد إلى الحد، {مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ}، أي: من راقب الله وإن كان غائبا عن أعين الرقباء، وهذه الآية شبيهة بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف:" ورجل ذكر الله تعالى خاليا ففاضت عيناه "، من بين السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله. {وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ}، أي لقي الله بقلب سليم يملؤه الخشوع والخضوع.
وقوله تعالى:{ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ} إشارة إلى التحية التي يتلقى بها ملائكة الرحمن ضيوفهم من أهل الجنة، عندما يأذنون لهم بالدخول إلى دار الخلود، التي لا يفارقونها ولا يبغون عنها حولا:{لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا}، أي: مهما اختاروا وجدوا، ومهما طلبوا أحضر لهم، وقوله تعالى هنا:{وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} كقوله تعالى في سورة يونس (٢٦): {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} وقوله جل علاه في سورة التوبة (٧٢): {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
وعادت الآيات الكريمة مرة أخرى إلى تذكير المشركين بمصارع الأمم الغابرة التي أصرت قبلهم على الضلال، فأصبحت