للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مضرب الأمثال بين بقية الأجيال، {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ}، على غرار قوله تعالى في آية أخرى سابقة: {كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (غافر: ٨٢)، قال قتادة: " نقبوا في البلاد "، أي: ساروا فيها يبتغون الأرزاق والمكاسب والمتاجر أكثر مما طفتم، يقال لمن طوف في البلاد " نقب فيها ". وقوله تعالى: {هَلْ مِنْ مَحِيصٍ}، أي: لا مفر لهم ولا لكم من عذاب الله، وكما أن قوتهم، وثروتهم لم تحولا دون قضاء الله وقدره، فلن تفلتوا أيها المشركون من قبضة الله القاهر فوق عباده.

ثم عقب كتاب الله على ما استعرضه من أحوال أهل الجنة وأحوال أهل النار، وعلى ما وصفه من مصارع الغابرين، ومواقف المكذبين بالرسالة من السابقين واللاحقين، بما يفيد أن الحكمة في هذا الاستعراض إنما هي تنبيه من له قلب حي وذهن متيقظ، إلى استخلاص العبرة والانتفاع بالذكرى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}.

وانتقلت الآيات الكريمة إلى التذكير بقدرة الله، بديع السماوات والأرض، والتذكير بكونه سبحانه منزها عن أن يلحقه أي تعب أو إعياء، لا بالنسبة لإيجاد المخلوقات، ولا بالنسبة لإمدادها، لا بالنسبة للنشأة الأولى، ولا بالنسبة للنشأة الآخرة، ويدخل في ذلك دخولا أوليا عملية البعث والنشور، وذلك قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}، أي ما مسنا تعب ولا نصب، وإلى

<<  <  ج: ص:  >  >>