نفس هذا المعنى يشير قوله تعالى في سورة (الأحقاف: ٣٣): {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، وقوله تعالى في سورة (النازعات: ٢٧){أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ}، وقوله تعالى في سورة (غافر: ٥٧): {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ}.
وقد نبهنا في حديث سابق إلى أن " الأيام الستة " التي خلق الله فيها السماوات والأرض وما بينهما ليست من جنس أيامنا التي نقضيها فوق هذا الكوكب الأرضي، وإنما هي من الأيام التي أشار إليها قوله تعالى:{وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}(الحج: ٤٧)، وقوله تعالى:{تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}(المعارج: ٤).
واتجه الخطاب الإلهي إلى الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام داعيا إياه إلى المزيد من الصبر على أذى المشركين، وإلى الإلتجاء إلى الله بالعبادة والتسبيح والدعاء:{فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ}.
وخُتِمت سورة (ق) بنفس الموضوع الذي كان فاتحة لها، وهو موضوع البعث والحياة بعد الموت: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ * إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا