يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ} (هود: ٧٦، ٧٥، ٧٤). ثم يكشف ضيوف إبراهيم لمضيفهم الكريم، كما في نفس هذه الآية، عن الغرض الأساسي من بعثهم وإرسالهم إلى قوم لوط، ألا وهو إنزال العقاب الإلهي بهم، بانتقاء نوع خاص من الحجارة وقع عليه الاختيار الإلهي، ورجمهم به من السماء، فيفعل بهم فعل الطاعون والوباء، وذلك قوله تعالى على لسان ضيوف إبراهيم:{لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ}.
غير أن الله جلت قدرته، ودقت حكمته، لم يجمع في عذابه بين " المسرفين " و " المؤمنين "، فيؤاخذ هؤلاء بجرم أولئك، بل نجى من العذاب لوطا ومن كان معه من المؤمنين، وذلك قوله تعالى:{فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، وقد نص كتاب الله في آية أخرى على أن امرأة لوط - واسمها " واغلة " فيما يرويه المؤرخون- لم تكن من بين الناجين، بل كانت من الهالكين، كما قال تعالى في سورة (العنكبوت: ٣٢){قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ}.
ولا يستغربنَّ أحد اهتمام إبراهيم الخليل بقصة قوم لوط، وحواره مع ضيوفه في شأن لوط وقومه، فعلاقة إبراهيم الخليل بلوط عليهما السلام علاقة وثيقة جدا، إذ إن لوطا هو ابن أخ إبراهيم، وكان إبراهيم الخليل يحبه حبا شديدا، واشترك معه في رحلته إلى الشام، إلى جانب امرأته " سارة " فاستقر إبراهيم