للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ضروريا أن تكون الطاعة هنا طاعة المحكوم للحاكم والمغلوب للغالب، فهناك طاعة أخطر منها وأشد وقعا، هي طاعة القلب المظلم، الذي يمتلئ بحب الكفر والإعجاب بأهله، وطاعة الضمير الميت، الذي يتنكر للإسلام، ولا يتحرك للغيرة عليه أو الدفاع عنه.

فهذه الطاعة المعنوية التي تستولي على المشاعر، وتسخر الفكر والإرادة والضمير تسخيرا أعمى لصالح الكفر وأهله، هي التي تجعل من المؤمن كافرا بعد إيمانه، وهي التي تنقله من بيئة الإسلام إلى بيئة الكفر نقلة نهائية لا رجعة بعدها، حيث لا يتنفس الصعداء، ولا يحس بالانسجام والوئام إلا مع إخوانه الكافرين، وإن كان يحمل زورا وبهتانا " اسم محمد وأحمد " في مجتمع المسلمين.

وبعدما سجل القرآن الكريم هذه الظاهرة الغريبة، وحذر المؤمنين من هذا الخطر البالغ فقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} عاد مرة أخرى إلى أولئك المرتدين عن الإيمان، أو الذين هم في طريق الارتداد، يوجه إليهم خطابه، ويحذرهم عذابه، في لهجة من الاستنكار والتعجب والاستغراب، يتأثر لها أولو الألباب، فقال تعالى: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} أي ما هو الشيء الذي يبرر كفركم وآيات الله تتلى عليكم شهادة ناطقة، تفصل بين الحق والباطل، والخير والشر، والهدى والضلال، وفيكم رسول الله يبين لكم العقائد الصحيحة من

<<  <  ج: ص:  >  >>