على الله، يبتغي طاعته ويلتمس رضاه، ويرجو نواله ونعماه، وإلا فكيف يعقل أن يعرف المخلوق أنه " مخلوق " ثم يتجاهل الله الذي خلقه ورزقه، وأوجده من العدم؟، {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ}.
والآن وقد فرغنا من تفسير " سورة الذاريات " المكية نشرع في تفسير سورة " الطور " المكية أيضا، مستعينين بالله. وأول ما يستقبلنا في هذه السورة الكريمة قسم من الله عظيم، على أن " الساعة " آتية لا ريب فيها، وعلى أن المعاد حق بكل توابعه ونتائجه، وذلك قوله تعالى:{بسم الله الرحمن الرحيم وَالطُّورِ ** وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ * وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ * وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ * يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا * فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ * يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا * هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ * أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ * اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، ومعنى " الطور " الجبل إذا كان فيه شجر، ومعنى " البحر المسجور " الذي يتأجج نارا، و " المور " تحرك السماء بأمر الله وموج بعضها عند قيام الساعة، ومعنى " يدعون إلى نار جهنم " يدفعون إليها ويساقون.
وبعدما وصفت الآيات الكريمة حالة المكذبين بالرسل، وما أعد الله لهم في جهنم من العذاب الأليم، تولت بالشرح والوصف والمقارنة حالة المتقين وهم في جنات ونعيم، وأشارت