إذا عادت إلى رشدها، وخرجت من تيه الغواية والضلال، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى:{وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}(السجدة: ٢١).
وينتقل كتاب الله من محاجة المشركين، والرد على إدعاءاتهم الباطلة، ووصف ما هم عليه من الجحود والعناد، إلى مخاطبة الرسول عليه السلام، ودعوته إلى الاستمرار على ما هو عليه من صبر مزدوج: صبر في أداء الرسالة بكل تفان وثبات وإخلاص، وصبر على أذى المشركين الذي لا ينقطع أبدا، والذي يأخذ كل يوم لونا جديدا من التقولات والادعاءات وحرب الأعصاب، وذلك قوله تعالى:{وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}، أي: أن الله تعالى قد تكفل بأن يعصمك من الناس، وبأن يرعاك بعينه التي لا تنام. وفي هذا الخطاب الإلهي الرقيق منتهى التأييد والإعزاز والإكرام.
ثم دعا نبيه عليه السلام إلى الاستعانة على ما هو بصدده من أعباء الرسالة العظمى، بالعبادة والدعاء والتسبيح، فذلك أكبر مدد يمد الله به أصفياءه من خلقه:{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ}.
وبهذا العرض الواضح نختم سورة " الطور " المكية، وننتقل إلى سورة " النجم " المكية أيضا، وأول ما يواجهنا في هذه السورة الكريمة قسم من الله عظيم على صدق الرسول في رسالته،