وعلى تصديق الوحي الذي ينزل عليه من عند الله، وذلك قوله تعالى:{بسم الله الرحمن الرحيم وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}.
ويشير كتاب الله في إيجاز وإعجاز إلى أول لقاء وتعارف تم بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبريل عليه السلام في بداية نزول الوحي، عندما بعثه الله على رأس الأربعين، ورأى جبريل على صورته، وذلك قوله تعالى:{عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ}، أي: ذو قوة، والمراد به هنا جبريل، {فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى}، أي: على بعد ما بين القوسين أو أدنى، تعبيرا عن منتهى القرب منه، {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى}، أي: أوحى جبريل إلى عبد الله ورسوله ما أوحاه إليه ربه: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى}، أي: أن رؤية النبي عليه السلام لجبريل الذي نزل عليه بالوحي كانت رؤية مشاهدة وعيان، ويقين قاطع، بحيث لا تقبل شكا ولا جدالا:{أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى}.
ثم أشار كتاب الله بالخصوص إلى لقاء آخر تم بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبريل عليه السلام، إذ رآه على هيئته التي خلقه الله عليها ليلة الإسراء والمعراج، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}.