سلطان لغير الله، {فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى}، {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}(غافر: ١٦). وما دامت هذه هي الحقيقة الناصعة التي لا حقيقة سواها، فكل ما يمني به المشركون أنفسهم ومن لف لفهم من شفاعة الشفعاء يوم القيامة لا يغني عنهم من الله شيئا، وذلك قوله تعالى:{وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا}، اللهم إلا إذا أذن الله للشفيع بأن يشفع، وللمشفوع فيه بأن يناله حظ الشفاعة، وذلك قوله تعالى:{إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى}، على غرار قوله تعالى في آية الكرسي:{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}(البقرة: ٢٥٥)، وقوله تعالى:{وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ}، (سبأ: ٢٣)، قال ابن كثير:" فإذا كان هذا في حق الملائكة المقربين، فكيف ترجون أيها الجاهلون شفاعة هذه الأصنام والأنداد عند الله، وهو تعالى لم يشرع عبادتها ولا أذن فيها، بل قد نهى عنها على ألسنة جميع رسله، وأنزل بالنهي عن ذلك جميع كتبه " فالأمر إذن متعلق بدءا وختاما بمشيئة الله ورضاه، وعليه لا على غيره يجب أن يكون الاعتماد، وإليه لا إلى غيره يلزم أن يكون التوجه. على أن نفس أولئك المقربين الذين تعلق عليهم آمال الشفاعة للمذنبين، لا يسمح لهم مقتضى ما هم عليه من الأدب مع الله، والمعرفة الكاملة بمدى جلاله وعظيم سلطانه، أن يتقدموا بين يديه، دون إذنه ورضاه، أو أن يشفعوا فيمن يعرفون أنهم أعداء الله، فضلا عن أن يضمنوا للمستشفعين بهم مسبقا الغفران والرضوان، ودخول الجنان.