وأشارت الآيات الكريمة إلى معتقد باطل من معتقدات المشركين التي جاء لمحاربتها القرآن، ألا وهو اعتقادهم أن الملائكة إناث وبنات، بناء على مجرد الظنون والأوهام، وذلك قوله تعالى " {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى * وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}.
ثم توجه الخطاب الإلهي إلى الرسول عليه السلام، طالبا منه الإعراض عن المشركين الذين أصروا على معتقدات الشرك، مع علمهم بأنها ضلال في ضلال وخبال في خبال، ما داموا قد اختاروا لأنفسهم الاستمتاع البهيمي المطلق، بملذات الحياة وشهواتها، وفضلوا عدم التقيد بأي قيد من قيود الدين والأخلاق، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى:{فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى}.
وعاد كتاب الله مرة أخرى للحديث عن الجزاء العادل الذي يناله المحسنون والمسيئون، مبينا أن كل ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما، بما فيهم الشفعاء والمقربون الذين تعلق عليهم الآمال، من طرف المقصرين المهملين لصالح الأعمال، إنما هو ملك لله وفي قبضته، وتحت قهره ومشيئته، وإذن فلا مفر للمسيئين من انتظار العقاب، ولا سبيل لحرمان المحسنين من انتظار الثواب، وذلك قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا