بِالْحُسْنَى}، فتفرد الحق سبحانه وتعالى بملكه وحكمه هو الضمانة الوحيدة للجزاء العادل، الذي ينتظره الخلق جميعا يوم القيامة، على يد أحكم الحاكمين.
ومن هذا الموضوع انتقلت الآيات الكريمة إلى وصف " المحسنين " الذين تنتظرهم " الحسنى " عند الله، فأوضح كتاب الله أن شأن المحسنين أن يجتنبوا كبائر الإثم، وأن يجتنبوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يتوبوا إلى الله توبة نصوحا، بمجرد ما يقع منهم أدنى تقصير أو تفريط، " فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " كما قال عليه السلام، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى:{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ}.
وعقب كتاب الله على ما وصف به المحسنين من عباده، بما يفيد أن الإنسان العادي قد خلق ضعيفا عن مقاومة شهواته ونزواته في كل الأوقات، وأنه بحكم ضعفه البشري قد يتعرض لارتكاب بعض الذنوب في بعض الفترات، ودواء ذلك هو المبادرة بالإقلاع عن الذنب، وعدم الإصرار عليه، والتوبة منه توبة نصوحا، وفي هذا السبيل أعفى الحق سبحانه وتعالى عباده من ادعاء ما ليس فيهم، وأعلن أنه لا يرضى منهم بتزكية أنفسهم وتقديسها، ومدحها أمام الغير بسلوك نهج الاستقامة والتقوى على الدوام، فالجواد يكبو، والسيف ينبو، كما يقول المثل العربي الشهير، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا