فقوله تعالى:{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، معناه أنه لا تحمل نفس حمل أخرى، وإنما تحمل كل نفس وزرها وحدها، دون أن يسمح للغير بالتخفيف عنها، ولا أن يسمح لها بتثقيل كفة الغير.
وقوله تعالى:{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}، معناه أن الإنسان كما لا يحمل وزر غيره، فإنه لا يؤجر إلا على عمله الخاص، ولا يشارك غيره فيما يناله الغير من أجر على العمل الذي قام به دونه. قال ابن كثير:" فأما الدعاء والصدقة فهما مجمع على وصول ثوابهما إلى الميت، ومنصوص من الشارع عليهما "، وأما الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال:" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث، من ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية من بعده، أو علم ينتفع به " فهذه الثلاثة في الحقيقة هي من سعي الإنسان وكده وعمله، كما جاء في الحديث:" إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه ". والصدقة الجارية، كالوقف ونحوه هي من آثار عمله، وقد قال تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ}(يس: ١٢)، والعلم الذي نشره في الناس، فاقتدى به الناس بعده، هو أيضا من سعيه وعمله، وثبت في الصحيح:" من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه، من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ". انتهى ما أورده ابن كثير.