المبسوطة على جميع خلقه، فالكل مرهون بربوبيته، بحيث لا يتخلف عن مشيئته أي مخلوق، جل شأنه أو صغر، في الأرض أو في السماء، والكل ينشأ وينمو ويفنى طبقا للسنن الثابتة، التي رسمتها للجميع قدرة الله وحكمته وعلمه، وذلك على غرار قوله تعالى في آية أخرى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ}(الحج: ١٨).
وقوله سبحانه:{وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ}، تنبيه للإنسان على استجلاء عظمة الله وبالغ قدرته، من خلال هذا الفضاء الواسع المترامي الأطراف الذي تسبح فيه ملايين الملايين من النجوم، على اختلاف أصنافها وأحجامها وأبعادها، دون أن تصطدم بعضها ببعض، ودون أن يصيبها خلل أو فتور، و " الميزان " الذي وضعه الله لهذا الكون هو تقديره المحكم الذي لا يختل، القائم على أساس التناسق والتناسب والانسجام والتكامل.
وقوله تعالى:{أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ}، تنبيه للمؤمنين إلى أنهم ينبغي أن يتخلقوا بخلق الله، وأن يستمدوا من سنن الله الثابتة في خلقه منهاج سلوكهم في حياتهم، بالنسبة لأنفسهم وبالنسبة لبقية الناس، وذلك أن يقيموا حياتهم على أساس من الحكمة والعدل، وحسن التقدير والتدبير، حتى لا يلحقها خلل كبير أو صغير.