النهر ينقلب ملحا، إذ بينهما برزخ إلهي غير منظور، يحول دون تجاوز كل منهما لحده المقدور.
وقوله تعالى:{وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ}، إشارة إلى الفلك التي تمخر البحار، والتي لولا تسخير الله لها لما استطاعت - وهي فوق الماء وبين الأمواج- أن يقر لها أي قرار.
وقوله سبحانه:{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}، إشارة إلى تفرد الحق سبحانه بالبقاء، وإلى اختفاء أشباح الخلائق وظلالها عندما يدق ناقوس الفناء.
وقوله تعالى:{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ}، إشارة إلى الحصار الإلهي المضروب من حول خلقه، أقوياء وضعفاء، أغنياء وفقراء، مرؤوسين ورؤساء، فلا سبيل لهم إلى الإفلات من قبضة الله، ولا مفر من الوقوع بين يديه، والانتهاء في نهاية المطاف إليه. وإذا أصبح في إمكان الإنسان أن يجول بين بعض {أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، وداخلها فإن ذلك لا ينفي أنه عاجز كل العجز عن أن يتجاوزها ويفارقها ويخرج منها بالمرة، وذلك هو " النفاذ منها ".
وانتقلت الآيات الكريمة إلى الحديث عن قيام الساعة، وما يبرز فيها من ظواهر كونية خارقة للعادة:{فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ}، وإلى الحديث عن مصير المجرمين من