بأن الجميع من هذه الأمة. ثم عقب ابن كثير على ذلك بقوله:" ويحتمل أن تعم الآية جميع الأمم، كل أمة بحسبها، ولهذا ثبت في الصحاح وغيرها من غير وجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم " الحديث.
ووصف كتاب الله مآل " السابقين " المقربين، وما ادخر لهم الحق سبحانه من مختلف العطايا، وميزهم به من المزايا في جنات النعيم، وعقب على ذلك بما يفيد أن الله تعالى قد صدقهم وعده:{جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، وأنهم أثناء إقامتهم في دار الخلد، {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا}.
ثم انتقل كتاب الله إلى وصف مآل " أصحاب الميمنة " الذين يلون السابقين المقربين في المنزلة، فقال تعالى:{وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ * وَظِلٍّ مَمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ * وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ}، إلى قوله تعالى:{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} أي: جماعة كثيرة من الأولين، وجماعة كثيرة من الآخرين، مما يفيد أن عدد " أصحاب اليمين " أكثر من عدد " السابقين " المقربين.
ومن " أصحاب اليمين " ينتقل كتاب الله إلى وصف ما ينتظر " أصحاب المشأمة " من عذاب أليم، وسموم وحميم، فقال تعالى: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ