بادروا إلى فعل الخيرات، امتثالا لقوله تعالى:{سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ}(آل عمران: ١٣٣)، وقوله تعالى:{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}(الحديد: ٢١)، فمن سابق في هذه الدنيا وسبق إلى الخير كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة، فإن الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان.
وستأتي الإشارة إلى هذه الأقسام الثلاثة مرة أخرى في آخر هذه السورة الكريمة، تأكيدا لما ورد في أولها، مما يدل على الأهمية الخاصة التي يوليها كتاب الله لهذا التقسيم الشامل والعادل.
وقوله تعالى:{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ}، إخبار من الله تعالى عن هؤلاء السابقين المقربين، وأنهم بالنسبة إلى غيرهم كثرة في الأولين، وقلة في الآخرين اختارهم الله، وآتاهم من الرعاية والعناية، ما أعانهم على أن يخترقوا الصفوف، ويكونوا في طليعة الطليعة إخلاصا وصلاحا، وعزما وصبرا وطاعة وتقوى.
والمراد في هذه الآية " بالأولين " الأمم الماضية، " وبالآخرين " الأمة الإسلامية، فيما روي عن مجاهد والحسن البصري، وهذا التفسير اختاره ابن جرير. ورجح ابن كثير أن المراد " بالأولين " صدر هذه الأمة الإسلامية، و " بالآخرين " الذين يلونهم من بعدهم إلى يوم الدين، ونسب إلى ابن سيرين القول