عليها الناس يوم القيامة، وتصنيفهم درجات على أساس جديد، وبينت أنهم سينقسمون باعتبار أعمالهم والجزاء عليها فقط، لا باعتبار الغنى والفقر، ولا بحسب القوة والضعف، ولا على أساس الرياسة والتبعية، ولا على أساس فوارق الجنس واللون، مما تعارف عليه البشر فيما بينهم، فالناس يوم القيامة وأمام ربهم لا يخرجون عن ثلاثة أقسام: القسم الأول هم " السابقون " والقسم الثاني هم " أصحاب الميمنة "، والقسم الثالث هم " أصحاب المشأمة "، وذلك قوله تعالى:{وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ}، على غرار قوله تعالى في سورة (فاطر: ٣٢): {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ}. قال ابن عباس:" وكنتم أزواجا ثلاثة " أي: فرقا ثلاثة. وقال عثمان بن سراقة:" وكنتم أزواجا ثلاثة "، أي: اثنان في الجنة وواحد في النار.
و" السابقون " إنما أطلق عليهم هذا الوصف، لأنهم سابقون بين يدي الله عز وجل:{أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}، فهم أخص وأحظى وأقرب من " أصحاب اليمين " الذين يلونهم في المنزلة، وعلى رأس السابقين الرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، ثم الصديقون والشهداء والصالحون، وألحق ابن كثير بالقسم الأول، وهم " السابقون " جميع الذين