يعرفون عن النجوم ومواقعها الشيء الكثير، وتبعا لذلك لا يستطيعون أن يقدروا قسم الله بها كامل التقدير، إذ لم تكن لديهم مراصد عظيمة، ولا آلات دقيقة لرصد النجوم وتتبع حركاتها في الأجواء البعيدة، ولكن خطاب الله موجه إلى كل عصر وجيل، والعصر الذي نعيش فيه أصبح يعرف عن النجوم ومواقعها ما يجعل الإنسان مبهوتا حائرا أمام قدرة الله وحكمته، ويستطيع أن يقدر تقديرا أوفى قسم الله العظيم، الذي أقسمه " بمواقع النجوم "، ومن ذلك أن مجموعة واحدة من مجموعات النجوم التي لا تحصى وهي " مجموعة المجرة " التي تنتمي إليها الشمس تبلغ ألف مليون من النجوم، وهذه النجوم منها ما يمكن أن تراه العين المجردة، ومنها ما لا تراه العين إلا بالأجهزة الفلكية والمجاهر، ومنها ما لا تراه العين ولوعن طريق الأجهزة الفلكية، وإنما تحس به الأجهزة وحدها دون أن تراه، وما من نجم إلا وهو منسق بقدرة الله -في آثاره وتأثيراته- مع بقية النجوم والكواكب، فلا اصطدام في الفضاء الواسع بين نجم وآخر، ولا تطاول من أي نجم على المجال المغناطيسي الخاص بغيره من النجوم، بل الكل يسير طبقا لتدبير الله وتقديره نحو هدفه المرسوم، إلى ميقات يوم معلوم، فمن عرف أسرار الأفلاك وعجائب النجوم أدرك إلى أي حد كان قسم الله عظيما " بمواقع النجوم "، وأن ذلك القسم يعد أكبر تزكية لخاتم الأنبياء والمرسلين، وأصدق شاهد على صحة الوحي المبين، وهكذا كلما مرت الأيام، وتقدمت معارف البشر، ازداد برهان القرآن وضوحا، وازداد نوره توهجا، وازدادت عقيدة الإيمان نصرا وفلجا.