وقادر على أن يرده " أسفل سافلين " إذا خالف عن أمره وأعرض عن وحيه.
وقوله تعالى:{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ}، تأكيد لما له سبحانه من سلطان شامل كامل على خلقه، وتصرف حر مطلق فيهم من البداية إلى النهاية، فهو سبحانه وحده الذي ينشئهم من العدم، وينفخ فيهم روح الحياة متى شاء، وهو سبحانه وحده الذي يوقف فيهم تيار الحياة ويطفئ مصابيحها في اللحظة التي يريد، {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ}(الأنبياء: ٢٣)، {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ}(الطلاق: ٣)، {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا}(المنافقون: ١١). وما دام الإنسان غير قادر على أن يقدم موعد قدومه إلى عالم الأحياء، وغير قادر على أن يؤخر موعد سفره من هذا العالم إلى الوقت الذي يشاء، فهو عاجز كل العجز، ومقهور كامل القهر، وإن ادعى من القدرة والسطوة لنفسه أكبر نصيب.
وقوله تعالى:{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}، بيان لحكمة الله في خلق الإنسان، وفي تزويده بملكة العقل والتمييز والاختيار، ذلك أن الله تعالى يريد أن يبرز لكل إنسان ما في نفسه من طاقات كامنة، ومن استعدادات للخير والشر، ومن قدرة على اختيار الهدى أو اختيار الضلال، والإنسان لا يكتشف نفسه على حقيقتها إلا عندما تكون وسائل العمل حاضرة بين يديه، وأجهزة التنفيذ متوافرة لديه، وإذ ذاك يتضح اختياره، وتنكشف أسراره، ويتحمل مسؤولية عمله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، فالله تعالى لم يخلق الإنسان عبثا، ولم يتركه سدى، وإنما خلقه ليقوم بدور