للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سورة " الجن ": {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا}.

وبعدما بيّنا الحقائق التي تحتوي عليها سورة " الجن " المكية فلنتناول الآيات الكريمة الواردة في هذا السياق على التتابع.

فقوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ}، إشارة إلى إخبار الله لرسوله بأن طائفة من الجن -والطائفة ما بين الثلاثة والتسعة- وهذا هو " النفر " - قد استمعت إليه وهو يرتل كتاب الله أثناء صلاته بالمسلمين. وقد أكد ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم ما قرأ على الجن ولا رآهم بنفسه أبدا، وإنما أخبره الله باستماعهم إلى تلاوته لا غير، قال شيخ الإسلام المصلح الكبير المرحوم السيد محمد الخضر حسين في تعليقه على " موافقات الشاطبي ": " مضى صدر الإسلام، وليس من مدع رؤية الجن، أو التلقي عنهم، أو التزوج بهم، أو استحقاقهم لأن يتقرب إليهم بالذبائح والأطعمة، حتى قام من يزعم ذلك كله، واتسع خرق هذه الضلالة، فكانت إحدى العلل التي فتكت بعقول كثيرة. وألقت بها في تخيلات سخيفة، ومزاعم يتبرأ منها الشرع الحكيم، قبل أن يتهكم بها النظر الصحيح ".

وقوله تعالى: {فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ}، حكاية لوقع القرآن الكريم في نفوس هذا النفر من الجن، وأنهم وجدوه " عجبا "، أي: على غير المألوف والمعهود في كلام الخلق، لأنه تحيطه هالة من الهيبة والجلال، وتنبعث منه

<<  <  ج: ص:  >  >>