للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعد نزول كتاب الله، حيث لم يعد " استراق السمع " ممكنا، وإلى هذه الحقيقة يشير قوله تعالى هنا في سورة " الجن ": {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا * وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا}، وبذلك أبطل كتاب الله الكهانة والعرافة من الأساس، وأعلن تحرير العقل البشري من هذا الوسواس.

- الحقيقة الرابعة: أن عالم الجن الذي وجد بين الناس من يعبده من دون الله، ووجد بين مشركي العرب من ينسب إلى الله سبحانه أنه اتخذ من بين أفراده زوجة هي التي تلد له الملائكة، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، هو نفسه يكذّب هذا الإدعاء، ويسفه هذا الاعتقاد، منكرا على من يعبدون الجن عبادتهم، ومنكرا على من ينسبون الزوجة والولد إلى الله نسبتهم، وإلى هذه الحقيقة يشير قوله تعالى هنا في سورة " الجن ": {وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا * وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا}.

- الحقيقة الخامسة: أن عالم الجن يعترف بعجزه وقصوره وضعف حيلته أمام قدرة الله، وبذلك يبين لمن يستعين بهم من الإنس، ولمن يجعل بينهم وبين الله نسبا مثل مشركي قريش، أن القوة الوحيدة والغالبة والمتصرفة في الكون هي قوة الله وحده دون سواه، باعتراف الجن أنفسهم، فالكل مقهور لقدرته، ولا يستطيع الفرار من قبضته، وإلى هذه الحقيقة يشير قوله تعالى هنا في

<<  <  ج: ص:  >  >>