للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من غريزة " العجلة ": {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} (الأنبياء: ٣٧)، فبحكم هذه الطبيعة البدائية يميل الإنسان الغافل إلى الاستمتاع بيومه قبل غده، ويلتهم العيش التهاما، دون أن يفكر في العواقب، على حد قول القائل: " ولك الساعة التي أنت فيها "، لكن العاقل من شغل عمره بما يستمر ويبقى، لا من يشغله بما يمر ويفنى. ولعل هذا هو السر في وصف القرآن الكريم للدنيا في هذه الآية باسم " العاجلة " إيماء إلى قصر مدتها، وسرعة فنائها، وإشارة إلى استغراق الغافلين المغرورين في شهواتها وملذاتها، خشية فواتها.

وانتقل كتاب الله بعد ذلك إلى وصف ما أعده الله في الآخرة للمتقين المصدقين، وما أعده فيها للمحرومين المكذبين: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ}.

ويتساءل كتاب الله سؤال استنكار واستغراب: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى}، أي: أيظن الإنسان أنه خلق ليترك في حياته هملا لا يؤمر ولا ينهى، وأنه خلق ليترك بعد موته منسيا لا يحاسب ولا يعاقب: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}.

ومن هنا ننتقل إلى سورة " الإنسان " المكية أيضا، مستعينين بالله، سائلين منه الهداية والتوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>