وقوله تعالى:{وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ * لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ}، إشارة إلى أن يوم القيامة هو الموعد الذي يقدم فيه الرسل إلى بارئهم حساباتهم مع الذين أرسلوا إليهم من البشر، ويعرضون فيه النتائج التي أثمرتها الرسالة الإلهية إلى مختلف الأمم والشعوب، سلبا وإيجابا، على حد قوله تعالى في آية ثانية:{وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}، (الزمر: ٦٩)، وقوله تعالى في آية ثالثة:{يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ}(المائدة: ١٠٩)، فقد أجل هذا الموعد الفصل:{لِيَوْمِ الْفَصْلِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}.
ومضى كتاب الله يتحدث عن مصارع الأمم الغابرة، وعن آيات الكون الباهرة، وعن أهوال الآخرة، وعما يكون فيه المتقون من النعيم المقيم:{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}، وعما يكون فيه المجرمون المكذبون من العذاب الأليم:{كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ}.
وللمرة العاشرة جاء قوله تعالى في هذا السياق:{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} ثم جاء التعقيب عليه بسؤال مقتضب يثير الاستغراب والعجب، ألا وهو قوله تعالى في ختام هذه السورة:{فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ}؟ أي: إذا أصروا على التكذيب بالقرآن، ولم يؤمنوا بما فيه من حكمة وبيان، وحجة وبرهان، وهو {الذِّكْرِ الْحَكِيمِ} الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ