للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله تعالى في آية ثانية: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} (الحجر: ٢٢)، وفي آية ثالثة: {هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (الأعراف: ٥٧)، و " العاصفات " و " الناشرات " هنا وصفان للرياح " المرسلات "، إذ كثيرا ما تصحب الرياح عواصف تهب معها، وسحب تنتشر في السماء إثرها.

والمراد بـ {الْفَارِقَاتِ فَرْقًا}، {الْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا} الملائكة المكرمون، كما قاله ابن مسعود وابن عباس ومن تابعهما، فإن الملائكة تنزل بأمر الله على رسله بما يفرق بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والحلال والحرام، وتلقى إلى رسله من الوحي ما فيه إعذار للخلق حينا، وما فيه إنذار لهم حينا آخر، وذلك معنى قوله تعالى: {ذِكْرًا * عُذْرًا أَوْ نُذْرًا}.

ثم عرض كتاب الله على جميع الأنظار صورة حية من مشهد الانقلاب العظيم الذي سيشهده الكون عندما ينفرط عقده، وتتقوض أركانه، وهذا المشهد قادم لا محالة بشهادة القرآن العظيم أولا، وهذه الشهادة عندنا هي الأساس، واعتراف البحث العلمي الحديث ثانيا، وهذا الاعتراف لمن له به استئناس، فسيأتي يوم تتفجر فيه القوى المخزونة في الكون، ويكفي أن يقع الانفجار في كوكب واحد ليمتد منه الانفجار إلى الكواكب الأخرى فيحيلها دخانا وغبارا، وإلى ذلك يشير قوله تعالى: {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ}، أي: ذهب ضوءها ونورها، {وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ}، أي: انفطرت وانشقت، {وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ}، أي: أصبحت هباء منثورا بعد نسفها واقتلاعها من أصلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>