للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" والحقبة " من الدهر تجمع على حقب وحقوب، وهذه الآية حملها خالد ابن معدان على " أهل التوحيد "، ومثلها عنده قوله تعالى: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} في (سورة هود: ١٠٧)، بمعنى أن العصاة من المؤمنين إذا عذبوا بجهنم فإنهم لا يخلدون فيها، وإنما يلبثون فيها مدة محدودة، ثم يفارقونها إلى الجنة بمغفرة من الله ورحمة منه، وحمل قتادة هذه الآية: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا}، على غيرهم، أي أن " الطاغين " يعذبون في جهنم عذابا لا انقطاع له، بحيث كلما مضى " حقب " جاء بعده حقب آخر، وهذا التفسير هو الذي رجحه ابن جرير فقال: " والصحيح أنها أي الأحقاب لا انقضاء لها كما قال قتادة والربيع بن أنس، ويشهد لهذا التفسير ويؤكده قوله تعالى في نفس هذه السورة وفي نفس السياق: {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا}، أي: يقال لأهل النار: ذوقوا ما أنتم فيه، فلن نزيدكم إلا عذابا من جنسه، على حد قوله تعالى في سورة (ص: ٥٦ - ٥٧): {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ * وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ}. قال عبد الله بن عمرو: " لم ينزل على أهل النار آية أشد من هذه الآية، فهم في مزيد من العذاب أبدا "، وقوله تعالى في شأن " الطاغين ": {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًاأي: تكذيبا، وهو مصدر من غير الفعل.

وقوله تعالى في شأن المتقين: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا}، أي: أن أسماعهم لا يؤذيها سماع اللغو العاري عن الفائدة، ولا سماع التكذيب المتبوع بالجدل، وما داموا في " دار السلام "، فهم في دار لا خصام فيها ولا ملام، وإلى هذا المعنى

<<  <  ج: ص:  >  >>