وفي هذا السياق يجدد كتاب الله مرة أخرى بيان الحكمة الإلهية في مثل هذه الهزات، فيقول:{وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} ويقول: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا} على غرار ما سبق في الربع الماضي في قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ - وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} إلى آخر الآية.
وتتحدث آيات هذا الربع عن سبب إضافي من أسباب الهزيمة التي جرت يوم أحد، ألا وهو ما قد يكتسبه بعض المؤمنين من ذنوب قبل دخولهم في المعركة، فإن الذنب يظلم قلب المذنب، فلا يرى أي بصيص من النور، ويثقل كاهله حتى كأن على جسمه كابوسا يشل حركاته ويحول بينه وبين أي عمل مفيد، وذك قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا} وقوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} نظير قوله تعالى: {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.
ثم يأتي التعقيب على ذلك بما يحيي فيهم الأمل والرجاء، ويدفع عنهم معرة المخالفة فيقول تعالى:{وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}.
وتهتم الآيات الكريمة اهتماما خاصا بفريق من المنافقين أدخلوا الفشل على المؤمنين من أول لحظة في يوم أحد، وهذا