الحوامل، وتركها من طرف أصحابها دون رعاية ولا انتفاع، لانشغالهم عنها، رغما عن كونهم من أرغب الناس فيها، وأحرصهم على تربيتها، ولفظ " العشار " يطلق على النوق إذا بلغت مدة حملها عشرة أشهر، والمراد " بحشر الوحوش " خروجها منزعجة من أوكارها وأحجارها لهول الموقف، على غرار قوله تعالى في آية ثانية:{وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً}(ص: ١٩)، والمراد " بتسجير البحار " اشتعالها نارا، على غرار قوله تعالى في آية أخرى:{وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ}(الطور: ٦) والمراد " بكشط السماء " طيها، مصداقا لقوله تعالى:{يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ}(الأنبياء: ١٠٤) والمراد " بتزويج النفوس " جمع كل شكل إلى نظيره في الجنة والنار، على غرار قوله تعالى:{احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ}(الصافات: ٢٢).
وقوله تعالى:{عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ}، معناه أنه إذا وقعت هذه الأمور كلها فحينئذ سيكشف لكل نفس عما عملت من خير أو شر، على غرار قوله تعالى في آية أخرى:{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا}(آل عمران: ٣٠).
وانتهى هذا الربع بالحديث عن الوحي الإلهي الذي أكرم الله به رسوله وبلغه إليه بواسطة جبريل عليه السلام، وجاء هذا الحديث في صيغة القسم توكيدا لأهميته، وعظيم منزلته، والمقسم به في هذا السياق هي الكواكب التي تبدوا ليلا لكنها