مرضاته، بدلا من أن يكون دافعا له إلى كفر نعمه، وجحود كرمه، وهكذا يوجه كتاب الله إلى الإنسان، هذا العتاب الإلهي الرقيق، عسى أن يحرك في قلبه أوتار الإيمان:{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ}.
ويلتفت كتاب الله مرة أخرى إلى الذين لا يزالون يكذبون بالمعاد والجزاء، مؤكدا لهم أنه قد وكل بهم ملائكة يحفظون أعمالهم، فلا سبيل إلى نسيانها، ويسجلونها بالكتابة، فلا سبيل إلى محوها، وكأن الحق سبحانه يغري عباده في نفس الوقت بالاستقامة والصلاح والتقوى، حتى لا يثيروا اشمئزاز الحفظة الكرام وسخطهم، فضلا عن أن يثيروا بمعاصيهم سخط الله وغضبه، إذ " المعاصي بريد الكفر "، والمعصية تجر إلى أختها، ثم تدفع إلى ما هو أكبر منها، وإلى ذلك يشير قوله تعالى:{كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ * وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}.
وينتقل كتاب الله إلى التذكير بمصير الأبرار ومصير الفجار من خلقه، وما أعده في الآخرة لكلا الفريقين، فقال تعالى:{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ * يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ * وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ}.
وبين كتاب الله أهمية " يوم الدين "، وهو يوم الجزاء الأكبر، يوم تفصل شؤون الخلائق أمام محكمة العلي الأعلى القاهر فوق