للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عباده، والذي لا معقب لحكمه، وإلى ذلك يشير قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}.

ولننتقل الآن بعون الله وتوفيقه إلى سورة " المطففين " وهي مكية في قول ومدنية في قول آخر، وقد سميت بهذا الاسم، لما ذكر فيها من أمر " المطففين "، والمراد " بالمطففين " التجار الذين ينقصون الكيل إذا كالوا للناس، وينقصون الوزن إذا وزنوا لهم بينما إذا كالوا أو وزنوا لأنفسهم يأخذون أكثر من حقهم، وإذا كان التطفيف في الكيل والميزان يتمشى مع روح " الجاهلية الأولى "، وما عرف فيها من الربا الفاحش والعقود الفاسدة، فإنه لا ينسجم مع روح الإسلام في قليل ولا كثير، ولذلك نزل كتاب الله لمحاربته، والتنفير منه ومن أصحابه، وتهديدهم بالخسران والهلاك والويل، فقال تعالى: {بسم الله الرحمن الرحيم

وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}.

وتولى كتاب الله بنفسه تفسير المعنى المراد " بالمطففين " فقال تعالى في وصفهم: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ}، أي: إذا اكتالوا لأنفسهم من الغير بأن كانوا هم المشترين والغير هو البائع أخذوا حقهم بالوافي والزائد، {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}، أي: وإذا كالوا أو وزنوا لغيرهم -بأن كانوا هم البائعون وكان الغير هو المشتري- نقصوا من حقه في الكيل والوزن، وأعطوه أقل مما يستحق، وألحقوا به الخسارة عن طريق " التطفيف ".

ثم توعّد الحق سبحانه هؤلاء اللصوص المحترفين، الذين

<<  <  ج: ص:  >  >>