يختلسون أموال الناس عن طريق التطفيف في الكيل والميزان، في كل جيل وفي كل زمان، وهددهم بالحساب العسير يوم القيامة أمام الله، فقال تعالى:{أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}، أي: يوم يكون الناس كلهم واقفين أمام الله في موقف رهيب، ينطق كل ما فيه بالعظمة والجلال، ويوحي بالرهبة والخوف من الكبير المتعال.
ثم أخذ كتاب الله يصف حالة " الأبرار " وحالة " الفجار "، إذ لا عبرة في الآخرة إلا بهذا الاعتبار، فأما " الأبرار " الذين عملوا الصالحات، واتبعوا في حياتهم مقتضى الآيات البينات، فقد نزل في وصفهم وجزائهم -ترغيبا في سلوك طريقهم والاقتداء بهم- قوله تعالى:{كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ * إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}، وقوله تعالى:{فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ}.
وأما الفجار الذين عملوا السيئات وانتهكوا الحرمات، ووقفوا في وجه ما جاءت به النبوات والرسالات، فقد نزل في وصفهم وجزائهم -تنفيرا من تقليدهم وإتباعهم- قوله تعالى:{كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ}، وقوله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ