وألقت الآيات الكريمة في هذه السورة بعض الأضواء الكاشفة على السر الدفين، الذي يدفع الفجار إلى التكذيب " بيوم الدين " ألا وهو ما هم عليه من الإغراق في الظلم والعدوان، ومن الاستغراق في المعاصي والآثام، وهذه الحالة الجنونية التي يكونون عليها، ولا ينفكون عنها طيلة حياتهم، تجعلهم حريصين كل الحرص على أن يبعدوا عن خيالهم كل الأشباح المزعجة، التي تدينهم على ما يرتكبونه من المظالم والآثام، ولو كانت أشباحا وأحلاما في المنام، فما بالك بعذاب الله، الذي ينتظرهم يوم الحساب أمام الله، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى:{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ}، أما " المقسطون " الذين لا يعتدون ولا يظلمون، وأما " الصالحون " الذين لا يعصون ولا يأثمون، فإنهم يحبون لقاء الله ويشتاقون إلى يوم اللقاء، أضعاف أضعاف اشتياق الظمآن إلى الماء. " ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه " كما في الحديث الشريف.
وكشف كتاب الله الستار عن الاستخفاف والتهوين من " قيمة المسلمين "، في نظر الكفار، وأن الكفار يضحكون من الذين آمنوا ويستهزؤون بهم، ويعتبرونهم ضالين عن سواء السبيل، ولا يحملون لهم أدنى تقدير أو احترام، بينما الكفار في خاصة أنفسهم يعتزون بما هم عليه، ويعودون إلى بيوتهم وهم بالمسلمين يهزءون، وبأحوالهم يتفكهون، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا