الحق سبحانه على الإنسان حتى لا يعتقد هذا الاعتقاد السخيف، فقال تعالى:{كَلَّا}، أي: ليس الأمر أمر إكرام ولا إهانة كما يزعم الإنسان، فإن الله تعالى يوسع الرزق لمن يحبه ومن لا يحبه، ويضيق الرزق على من يحبه ومن لا يحبه، على حد قوله تعالى في آية أخرى:{أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ}(المؤمنون: ٥٥، ٥٦). وكل ذلك منه سبحانه ابتلاء واختبار وامتحان، لمبلغ ما عند الإنسان من ثقة بالله وإيمان.
وانتقد كتاب الله ما عليه أشرار الخلق من الأثرة والأنانية، وقسوة القلب، والتلهف على كسب المال من أي وجه كان، وما هم عليه من شح وبخل وإهمال للبر والإحسان، فقال تعالى:{بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا}، وابتدأ كتاب الله هنا بذكر " اليتيم "، إشارة إلى رعاية الإسلام رعاية خاصة لليتامى لكونهم فقدوا الحنان الأبوي الذي لا يعوضه شيء، ولذلك أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم باليتامى، وبشّر من يكفلهم خير كفالة بمرافقته في الجنة جنبا لجنب، فقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود في سننه:(أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة)، وقرن بين إصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام.
ثم عاد كتاب الله إلى الحديث عن فناء العالم وقيام الساعة، وحشر الخلائق للحساب، إما للعقاب وإما للثواب،