استعداد واحد، ولا مؤهلات واحدة في جميع المجالات، ومن أجل ذلك يختلف اتجاهه، ويختلف تقديره، ويختلف عمله، ويختلف سعيه، ويختلف جزاؤه، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى:{بسم الله الرحمن الرحيم وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى * فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى}.
ومعنى {مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} من بذل من نفسه وماله ابتغاء وجه الله، ومعنى {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} من وثق بما عند الله من العاقبة الحسنة والجزاء الحسن، ومعنى {اليُسْرَى}، أن الله تعالى ييسر أموره ويسهل عليه بلوغ مقاصده دون شدة ولا عنت، ومعنى {مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} من بخل بما أعطاه الله، وخيل إليه أنه مستغن عن الله، فلم يؤد حقوق الله ولا حقوق العباد، ومعنى {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} من أساء الظن بالله، ولم يثق بما وعده به من العاقبة الحسنة والجزاء الحسن، ومعنى {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} سنخذله ولا نوفقه، وسيصطدم في طريقه بكل المعوقات والعراقيل، والتعبير عن هذا المعنى بلفظ " التيسير " مثل التعبير بلفظ " التبشير " في قوله تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}(آل عمران: ٢١)، من باب التبكيت والتنكيت، ومعنى {إِذَا تَرَدَّى} إذا هلك وهوى في الدرك الأسفل من النار.
ثم بين كتاب الله أن عناية الله بالإنسان عناية بالغة، ومن أجل ذلك، أرسل إليه الرسل، وأنزل عليه الكتب، وله بعد ذلك