للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن يختار لنفسه ما يشاء، وأن يتحمل تبعة اختياره في دار الجزاء، فإما أن يكون (أتقى)، وإما أن يكون (أشقى)، وذلك قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى * وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى * فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى * لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى * وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى}.

ولننتقل الآن إلى سورة " الضحى " المكية أيضا، وهذه السورة تعبر عن رعاية الله لرسوله من فوق سبع سماوات، وتسجل ما يتمتع به من رضى مولاه وتأييده في الشدة والرخاء، وفي بدايتها قسم " بالضحى والليل إذا سجى ". و {الضحى١} وقت ارتفاع النهار وامتداد الشمس، و " سجى " بمعنى سكن وهدأ، والمقسم عليه فيها هو أن الله تعالى يرعى نبيه بعين رعايته التي لا تنام، وأنه لا يمكن أن يجفو رسوله عليه السلام، ولا أن يكله إلى نفسه، بعدما اختاره لرسالته، وأعده لحمل أمانته، وأن ما ادخره له سبحانه من الفضل والعطاء، يتجاوز العد والإحصاء، ويفوق كل ما يؤمله من الثواب والجزاء، وذلك قوله تعالى: {بسم الله الرحمن الرحيم

وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}، أي ما أبغضك وما هجرك، {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}.

ثم اتجه الخطاب الإلهي إلى خاتم الأنبياء والمرسلين، يذكره بما رافق حياته منذ بدايتها وفي جميع أطوارها من العناية الربانية والمدد الإلهي، مؤكدا له " أن الكريم إذا بدأ كمل "،

<<  <  ج: ص:  >  >>