وذلك ما يشير إليه قوله تعالى:{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى}، أي: وجدك " يتيما " فسخر لك من يحنو عليك ويقف بجانبك في السراء والضراء ووجدك " ضالا " بين قوم سيطرت عليهم " الجاهلية "، وأنت تتلمس طريق الهدى: فعصمك من جاهليتهم، وأعدك لتكون رسوله إلى العالمين على غرار قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ}(الشورى: ٥٢). {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى}، أي: أكرمك بقناعة النفس وغنى القلب، فلم تلهك الدنيا ولا شهواتها ولا مطامعها.
وخُتِمت هذه السورة الكريمة بالدعوة إلى كفالة اليتيم والإحسان إليه، وإكرام السائل والعطف عليه، والتحدث بنعم الله التي أنعم بها على رسوله والمؤمنين، وعلى رأسها نعمة الإيمان والإسلام، والذكر الحكيم الذي أنزله الله رحمة للعالمين، وذلك قوله تعالى:{فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ}، أي: اكفله وقربه وأصلح أمره، {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ}، أي: إما أن تعطيه مما أعطاك الله، أو تعده، أو ترده ردا جميلا بكلمة طيبة ويندرج تحت هذه الآية السائل عن دينه من أجل البيان والمعرفة. {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}، أي: اشكر إحسان الله إليك وإنعامه عليك، بالجوارح واللسان والجنان.