تعالى في خطابه لنبيه:{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}، وإن " شرح الصدر " بالنسبة لأي إنسان كيفما كان، لدليل على هداية الله له وتوفيقه في الحياة، {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ}(الأنعام: ١٢٥)، فما بالك بمقام الرسول عليه السلام.
وثاني شيء يسجله الخطاب الإلهي في هذه السورة ما آتاه الله من صبر جميل، وقدرة خارقة على مواجهة الشدائد، ومعاناة المتاعب، في سبيل تبليغ الرسالة الإلهية، وإعلان الدعوة الإسلامية، رغم معارضة أقطاب الشرك، ومقاومة قادة الوثنية، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى:{وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ}، أي: خففنا عنك العناء الذي أثقل ظهرك، وأعناك على حمله، بما أمددناك به في كل حين، من تيسير وصبر وثبات ويقين.
وثالث شيء يسجله الخطاب الإلهي في هذه السورة ما أكرم الله به نبيه من الذكر الجميل الخالد على مر الدهر: الذكر الخالد في اللوح المحفوظ والملأ الأعلى، والذكر الخالد في أرجاء الأرض شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى هنا:{وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}، وإلى هذا المعنى ينظر قوله تعالى في آية أخرى:{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ}(الزخرف: ٤٤).
وهل هناك ذكر أجمل وأرفع من ذكر اسمه بعد اسم الله، كلما تحركت بذكر الله الشفاه، (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)،