وتعريفا " بالبينة " التي جاء بها الرسول، وتأكيدا لأن ما جاء به كله دلائل واضحة وبراهين ساطعة من المحسوس والمعقول، قال تعالى:{رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً}، أي: يقرأ عليكم صحفا منزهة عن كل المطاعن والشبهات، {فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}، أي: فيها آيات مكتوبة كلها ناطقة بالحق، مستقيمة لا عوج فيها، على غرار قوله تعالى في سورة (الكهف: ١): {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا}.
ثم خص كتاب الله بالذكر " أهل الكتاب " من اليهود والنصارى لعظم مسؤوليتهم، فقد كانوا على علم بظهور الرسول " الخاتم " والرسالة " الخاتمة "، وكانوا يبشرون المشركين ببعثته ورسالته، مبينا ما آل إليه أمرهم بعد ظهور الرسول والرسالة من الجحود والإنكار، والحسد والاستكبار، مما كان له أثر كبير على المشركين في التمسك بشركهم، اقتداء بتمسك الكافرين بكفرهم، فقال تعالى:{وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ}، والمراد " بتفرقهم " تفرقهم عن الحق، أو تفرقهم فرقا، فمنهم من آمن، ومنهم من أنكر، ومنهم من عرف الحق وعاند.
وانتقل كتاب الله إلى التذكير بمضمون الدعوة الإسلامية،