والتعريف بجوهرها وفحواها، وأنها دعوة جامعة للناس أجمعين، إلى عبادة الله وحده، وإنفراده بالطاعة والعبودية، وأداء حقوق الله -وعلى رأسها إقامة الصلاة- وأداء حقوق العباد - وعلى رأسها إيتاء الزكاة- مع الإخلاص لله في القول والعمل، والابتعاد عن كل ما هو باطل وفاسد، نية واعتقادا، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى، مذكرا أهل الكتاب بما أمروا به في الكتب المنزلة:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}، أي: لا يميلون إلى الباطل من قريب ولا من بعيد، {وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ}، ثم قال تعالى منوها بدين الحق والمبادئ السامية التي يدعو إليها:{وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}، أي: ذلك دين الملة المستقيمة، ودين الشريعة المستقيمة.
وتولى كتاب الله في هذا السياق التعريف " بخير الخلق "، والتعريف " بشر الخلق "، وما يكون عليه كلا الفريقين في الدنيا والآخرة من حق أو باطل، وسعادة أو شقاء، فقال تعالى واصفا لحال الأشرار في كل عصر:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ}، أي: هم شرار الخلق، وقال تعالى واصفا لحال الأخيار في كل جيل:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}، أي: هم خيار الخلق، {جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ}، أي: جنات استقرار وإقامة ودوام، {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}، أي: مقيمين فيها باستمرار، {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ}، أي: حقق لهم جميع الأماني، ثم خلع