عليهم رداء الرضوان الذي لا سخط بعده أبدا، {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}(التوبة: ٧٢)، {وَرَضُوا عَنْهُ}، أي: رضوا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا ورسولا، وشكروا إحسان الله إليهم، ونعمه عليهم، {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}، أي: إن هذا الجزاء الحسن إنما يناله من اتقى الله حق تقواه، وعبده كأنه يراه، وعلم أنه إن لم يره فإنه يراه.
وبعد الانتهاء من سورة " البينة " المدنية تستقبلنا سورة " الزلزلة " وهي مكية على الأرجح، وهذه السورة تصور حالة الإنسان، وما يكون عليه من الذهول والفزع عندما تقوم الساعة، التي هي " يوم الفزع الأكبر "، ويحشر الناس من كل مكان للجزاء والحساب، والثواب والعقاب، وذلك قوله تعالى بعد البسملة:{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}، أي: إذا زلزلت الأرض زلزالها الذي لم يسبق له مثيل، وأضيف " الزلزال " إلى " الأرض " لأنه " زلزال كلي " يعم الكوكب الأرضي بأسره من أدناه إلى أقصاه، لا " زلزال جزئي " يخص جانبا منه دون آخر. {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا}، أي: لفظت ما في جوفها من الدفائن والخزائن، والكنوز والمعادن، وألقت ما في بطنها من أفلاذ كبدها، وحشرت مختلف الأحياء الذين يوجدون بها إلى سطحها. {وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا}، أي: أن الإنسان على العموم يفاجأ بما يواجهه من أحوال وأهوال لم يسبق له أن عاينها من قبل، " وليس الخبر كالعيان "، " فالمؤمن بالبعث " إنما يتساءل متعجبا مما يراه من الهول العظيم، و " الكافر بالبعث " يتساءل مستنكرا قيام الساعة نفسه، لأنه كان