للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}، هذا هو الشيء المقسم عليه وجواب القسم، وكأن كتاب الله يريد أن يقول: إن نعم الله على الإنسان لا يحصيها عد، وفي مقدمتها تمكينه من وسائل القوة والظفر، وتسخير الحق سبحانه وتعالى له طاقات الحيوان والبشر، وبالرغم من ذلك فإن الإنسان يتنكر لنعم الله، ويصرفها في غير محلها، ويتصرف فيها تصرف المستهترين السخفاء، والطغاة السفهاء، فمعنى قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ}، إنه لجاحد لنعمة ربه، كافر بها، غير شاكر لها، وقال الحسن: " الكنود هو اللائم لربه الذي يعد المصائب، وينسى نعم الله عليه "، ومعنى قوله تعالى: {إِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ}، إن الجاحد لنعمة الله ليشهد على جحود نفسه بنفسه، إذ لا يستطيع تكذيب ما ينطق به لسان حاله، وما يتجلى في أقواله وأفعاله، ومن ذلك قول الشاعر: " فكل إناء بالذي فيه ينضح "، ومعنى قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}، إن الإنسان تميل نفسه إلى حب المال، والبخل به، والشح في إنفاقه، و " الخير " هنا بمعنى المال، على غرار قوله تعالى في سورة (الفجر: ٢٠): {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا}. قال ابن كثير: " وفي معنى هذه الآية مذهبان: أحدهما: أن المعنى، وإنه لشديد المحبة للمال، والثاني: أن المعنى وإنه لحريص بخيل، من أجل محبته للمال، وكلاهما صحيح ".

<<  <  ج: ص:  >  >>